ينبوع السماء
لا أحد يشعر بعظم أثر آيات كتاب الله في شخصية وأفكار وسلوكيات الانسان....قدر من تعلم القرآن وهو لم يزل بعد صغيرا يحبو عقله وتتكون أفكاره
ذلك أن نور الوحي امتزج بشخصيته وهي في طور التكوين...فكان لها أثرها الذي لا يعادله أثر
اذا أنعم الله عليك بأن كنت من هؤلاء ستشعر بكلامي هذا وبما أود أن أقوله ولا تطاوعني كلماتي في الوصول اليه
ستشعر بهذا الأثر حين تمر في الطريق وبك من الهم والانشغال ما بك...ثم فجأة يأتيك صوت بالقرآن من اذاعة هنا او مسجل هنالك فتصفو روحك وتتحرر وتشرق ثانية بعدما كبلتها الهموم وأظلمت عليها الدنيا
ستشعر بهذا الأثر حين تعود لتلك الأيام... سواء عشتها كبيرا أو صغيرا...تلك الأيام التي انقطعت فيها لحفظ الكتاب الكريم فتتذكر أن الدنيا كلها لا تساوي لحظة من تلك اللحظات الروحية الراقية
ستشعر بهذا الأثر حين تراه بعينك يفعل سحره في شخصيتك... فيجعلك ثابتا في المشاكل....راقيا في التفكير...مجردا مما يعتري الناس من مخاوف وأوهام باطلة
يجعلك تضع يدك علي الحقيقة كاملة.... الحقيقة التي يقضي كثيرون حولك أعمارهم كاملة ولا يدركونها
ولا تظنن أن هذا الأثر لكل أحد... فان الله خلق البشر وسنة اجتماعية فيهم التفاوت في كل شيء لحكم نعلمها وحكم لا نعلمها. فبقدر قربك من الكتاب... وبقدر ما تنهل من ينبوعه الصافي الذي لا ينضب أبدا... بقدر ما يكون له من هذا الأثر
واما اذا حرمت من هذه النعمة فاسأل أحد الذين عايشوا تلك التجربة الانسانية الفريدة في الاتصال بوحي السماء لتدرك كم يفوتك.. لا...بل لتدرك.. أنه يفوتك كل شيء
ولكن ما تزال الفرصة أمامك قائمة بذاتها والينبوع مازال فياضا لكل من ولج اليه
فأسرع خطاك نحوه واستدرك ما فاتك لتعلم ان الحياة الحقة ليست تلك التي تعيشها وانما تنتظرك حياة أخري... حياة السعادة الحقيقة