الثلاثاء، ٢٧ أكتوبر ٢٠٠٩

عجائب النفس الانسانية


الكون العظيم

حين ينظر الانسان الي الكون بعدما عرف من معجزات تتوه العقول في ادراكها وكلما أفاقت من دهشتها لتستوعب جزءا من هذا الاعجاز جاءها اضعاف اضعافه مما تتحير العقول فيه فالكون الدائم الاتساع لا يزال يتحفنا بسيل من الابهار – حين ينظر لا يقدر علي أن يصف تلك الحالة الا أن يتلو بخشوع الآية المعجزة التي تنبأت بها (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ  * لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ )



الغوص فيك دليلك.

الا اننا لسنا في حاجة الي الابتعاد كثيرا عن الأرض ونسبح في الفضاء لكي يتملكنا هذا الابهار ،
 نحن لسنا في حاجة حتي للانتقال من مكاننا ،
لسنا في حاجة الا الي اعمال عقولنا فكرا في أقرب شيء الينا... في أنفسنا... لا تصدق؟؟ جرب بنفسك
اذا لم تكن عالما للأحياء فلا بأس... ولا تتعجب اذا أخبرتك أيضا أنك ان لم تكن من مجيدي القراءة والكتابة فلا تخف..فلك نصيب من ذلك الابهار الممتع
كل ما تحتاجه أن تجيد استخدام عقلك في التفكير فلا تقف عند ظواهر نفسك ولا عند ظواهر الأحداث ..حينها ستجد ما يثيرك من الآيات في النفس الانسانية ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)
بداية فهمت هذه الآيات في النفس علي انها ما يكمن في هذه النفس من معجزات حسية من أجهزة كالمصانع الجبارة المتناهية الصغر لدرجة انها لا تري بالعين المجردة ومع ذلك تقوم بوظائف لا يتخيلها انسان ولا يتدخل فيها؟ كيف تتنفس ؟ ... كم مليونا من الخلايا يعمل بدأب في أقل من الثانية لكي تتنفس بكل بساطة وبلا أي تفكير؟ كم مليارا من الخلايا يعمل لكي تأكل ثم تهضم ثم يتحول الأكل الي دم وطاقة؟ كم أمرا أعطي عقلك الي تلك الخلايا لكي تقوم بمهامها؟ انك اذا شغلت بالك فقط بالتفكير في تلك الأمور فلن تجد الوقت للقيام بذلك؟ فكيف لو كان عقلك هو المسئول عن تنفيذها؟؟!!وغيرها وغيرها مما لا يحصي ولا يحيط به عقل بشري


آيات أعظم

قلت..بداية فهمت  الآية علي تلك الحالة ولكن لما بدأ يلفتني جانبا آخر في النفس الانسانية لم ينتهي عجبي حين رأيت آيات أعظم وأعظم..آيات من نوع آخر .. ليست من لحم ودم وليس لها وجود مادي
تلك الآيات هي التي تحكم بشكل او بآخر حياتنا وأسلوبنا في الحياة ومن نكون ومن هم المقربين الينا..ماذا نحب وماذا نكره؟ متي نسعد ومتي نحزن؟ متي نضحك ومتي نغضب ولم أتعب كثيرا لأعلم أن القرآن لم يترك تلك الآيات دون تفصيل رغم دخولها في عموم الآية السابقة بل جعلها آية علي وجوده سبحانه وتصرفه في خلقه..يقول جل وعلا في سورة النجم (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ) فجعل حالة الانسان النفسية دليلا علي وجوده وعظمته ... بل وصف نفسه سبحانه بقوله (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ)  التي فسرها بعض المفسرين بقوله "شأنه أن يولج الليل في النهار , ويولج النهار في الليل , ويخرج الحي من الميت , ويخرج الميت من الحي , ويشفي سقيما , ويسقم سليما , ويبتلي معافى , ويعافي مبتلى , ويعز ذليلا ويذل عزيزا , ويفقر غنيا ويغني فقيرا"  وتلك هي أحوال النفس الانسانية ..قد تتعجب لأول وهلة من ذلك ..لكنك ان امعنت الفكر وجدت انها آية عظيمة عظيمة..كيف لذلك الانسان المخلوق من التراب المكون من لحم ودم وروح لاتري..كيف يتغير حاله بهذا الشكل ..فتارة تراه سعيدا ...وتارة تراه فتظنه أنه ليس هناك من هو أحزن منه..تارة يملأ الدنيا تفاؤلا وأملا..وتارة ينزوي علي نفسه كأنما لا ينتظر الا الموت... تارة تراه يحسب نفسه أقوي من في الكون ..وتارة يتضاءل يتضاءل فيضعف امام كل شيء..وهو هو في كل حالاته نفس الانسان بنفس التكوين ونفس الشخصية ونفس الروح..الأ يدعو ذلك للانبهار؟؟


ولولا فضل الله


كثيرا ما نغتر بفضل الله علينا إن رزقنا طاعة نتقرب بها اليه..فنحسب ذلك بأعمالنا
وكثيرا ما نغتر بعفوه وحلمه علينا... فنقع فيما يسخطه علينا وترضى بذلك نفوسنا
ولولا فضله علينا... ما رزقنا منه الطاعة
ولولا فضله علينا لما تزكينا.. وتطهرنا .. وبعدنا عما يسخطه
والله لو علمنا أن طاعة الله هي رزق لنا منه يتقرب به الينا ليقربنا.. وأن معصيته دليل هواننا عليه..وابعاده لنا عن ريف رحمته
وأن الطاعة بركة في العمر والرزق وحسنة نقدمها لنأخذ بها خلود النعيم
وأن المعصية محق للبركة وضنك في الحياة وضيق في النفس وأن العبد ليحرم الزرق بالذنب يعمله
وأنها فوق كل ذلك خطوة نخطوها نحو النار وعذاب الجحيم
لعلمنا حق اليقين أن الطاعة تستحق أن نبذل من أجلها المجهود.. وأن نكره نفوسنا عليها ان لم ترضي
وأن المعصية لا تستحق أن نترك من أجلها رضى الرحمن وان جبلت علي حبها النفوس
ولعلمنا فوق كل ذلك
أنه لولا فضل الله علينا ورحمته لما تزكينا ولما استطعنا الطاعة
فان عجزت نفوسنا لضعفنا عن ترك الذنب او فعل الطاعة لجأنا لمن فضله يغمرنا
ودعوناه ليمدنا بقبس من النور يضيء لنا الطريق ويثبتنا علي ما يرضيه