السبت، ٩ أكتوبر ٢٠١٠

الطنطورية



الطنطورية
ان كنت قارئا للروايات ولم تقرأ لرضوي عاشور فقد فاتك الكثير...فاتك الأدب الروائي المحترم
منذ فترة بدأت في قراءة رواية (ظل الأفعي)... ليوسف زيدان ولم أكملها
لست لأني قارئ قصير النفس... فقد قرأت كتبا يبلغ عدد ورقها مئات المرات من تلك الرواية
ولست لأني غير متذوق للأدب.... فقد قرأت تقريبا كل ما أنتج نجيب محفوظ وباكاثير وأنا بعد لم أبلغ الثماني عشر من العمر ولغيرهم كذلك
ولكن لأني أصبت بالغثيان ... غثيان من الجنس والحشيش... والفضاء الفكري في الرواية
لم أجد لها لا هدفا تخدمه ولا مبدأ تدافع عنه وهذا للأسف في غالب أعمال روائيينا الذين ابتلينا بانفصالهم عن تقاليدنا ومشاكلنا واهتماماتنا
جعلت كلامي عن تلك الرواية... مدخلا ل(الطنطورية) عن تلقائية مني وعمد في ذات الوقت.. وذلك لأنها في الجانب الآخر تمااااما
 دخلت مكتبة الشروق لأشتري كتابا أقرأه... وقلت لعل (رضوي عاشور) دكتورة الأدب الانجليزي قد أخرجت لنا تحفة جديدة
وبالفعل ..وجدت الطنطورية... لا أنكر أن ثمنها غاليا بعض الشيء... ترددت قليلا
وبعد تجولي في المكتبة.... كنت قد حسمت أمري وأخذتها... فلن يجد قارئ نهم مثلي... رواية من روائيه المفضل كل يوم ... ولم أندم لحظة بعدها قط أني اشتريتها
ورغم انشغالي الشديد في التدريس والبحث....انتهيت منها في أقل من أسبوع.. أسرتني الرواية أسرا
ولم أقرأ مثلها الا لنجيب كيلاني... وباكاثير.... وثلاثية غرناطة ..وهي لرضوي أيضا.. وأعترف أنها أكثرهم حبكة فنية وابداعا وعمقا اجتماعيا وتاريخيا
وكما دارت ثلاثية غرناطة.. في قلب الأندلس.. ومأساة المسلمين هنالك
دارت الطنطورية .... في قلب فلسطين.... في قلب الطنطورة وصيدا وبيروت والمخيمات... رصدت فترة من تاريخنا المعاصر... لعنت مسئولينا العرب لأنهم تعمدوا ألا يعلموننا حقيقتها في المدارس وأنا اقرأ الرواية
رصدت عقد اليهود النفسية وحقدهم وامراضهم.... رصدت صمود الشعب الفلسطيني الشقيق وجهاده..بنساءه وأطفاله... بأحلامه المشروعة في الحياة الكريمةبعذاباته المتكررة من اخوانه العرب قبل اليهود
رصدت خيانات الميلشيات المسيحية في لبنان....رصدت حقارتهم وتعذيبهم للفلسطينيين
رصدت كذلك...خيانات الشيعة من حركة أمل... للفلسطينيين في لبنان
تأخذك الرواية أخذا الي شخوصها بأحداثهم اليومية... بتشردهم من مكان لآخر... وتأخذك أخذا الي قلب الأحداث... الي تدمير مخيم هنا... والي مذبحة هنالك
لا تتمالك دمعك حينا... ولا تقدر علي أن تمسك لسانك ليسب ويلعن الخائنين حينا آخر
ليست تلك الخاطرة الشخصية جدا... مقالا يعرض الرواية.... ولكنها تسجيل للاعجاب برواية....تجمع بين المتعة الفنية والافادة
وأخيرا أود أن أختم بأنه مع الاعجاب الشديد بها.. أسجل بعض الاختلاف معها ...
فأنا اتساءل لماذا لم تجد جماعات المقاومة الاسلامية لها مكانا في الرواية؟... رغم أنها كانت ولا زالت لاعبا محوريا قويا وحاضرا علي الساحة الفلسطينية
وما الذي كان سيؤثر علي الرواية ان لم تصور أمهاتنا الفلسطينيات (الختيارات) المجاهدات... علي أنهن مدخنات؟؟

ولكن تظل الروائية... من أكثر الأدباء احتراما واهتماما بواقعنا الحقيقي علي الساحة المصرية