السبت، ٢ أكتوبر ٢٠١٠

كن قويا بالايمان

وقفت لأركب السيارة من أمام باب الكلية... منهكا للغاية وجائعا أيضا تذكرت ذلك الموبايل في جيبي... موبايل أخي الصغير... أخذته لأصلحه له...
جاءت في بالي فكرة رائعة... تليفونه منهك وقديم جدا... لماذا لا أشتري له واحدا جديدا لن يكلفني كثيرا... ولأجعلها هدية له
عبرت الطريق لأركب السيارة في الاتجاه المعاكس... الي الجيزة... نزلت في الميدان
سمعت صوتا محفورا في قلبي...صوت الشيخ الطبيب أحمد سعيد مندور امام مسجد الاستقامة
فلم أكن قد انتبهت الي أن العشاء قد أذن له... فدخلت للصلاة في المسجد ... تستنشق في هوائه عطر الطاعة وتستشعر في كل جنباته برد السكينة
ثم قضيت الصلاة وخرجت... وأنا أنزل سلم المسجد...وجدت رجلا جالسا علي السلم ظهره الي وبجواره كتاب ( كن قويا بالايمان) للكاتب محمد ابراهيم المبروك... ياااه... أبحث عنك لي ثلاثة أيام
وأجدك هنا علي سلم الاستقامة... بلا تردد اتجهت الي صاحب الكتاب لأسأله..أي دار نشر جئت منها بهذا الكتاب؟
سلمت عليه... وللحظة صدمت ولم أصدق نفسي..
نظرت لأتأكد ثم قلت له:
- ازي حضرتك؟؟... والله اني لأبحث من زمن علي الانترنت عن دار نشر لأي من كتبك فلم أصل.. واخرها كان أمس فقط  لما قرات عن كتابك الجديد....ثم لما رأيت الكتاب قلت اسأل صاحبه كيف عثرت عليه فوجدت الكتاب وكاتب الكتاب
كان ودودا للغاية... وصف لي كيف احصل علي كتبه.. وأعطاني رقم هاتفه المحمول
وقال لي لك عندي كتاب هدية ولكن - قالها ممازحا - باقي الكتب علي حسابك وضحك
قلت سبحان مقدر الأقدار

نحن جيل محظوظ

بالأمس كنت أتحاور مع شخص يكبرني سنا بما يقرب من 30 عاما...ربما يكون أكبر من والدي
دار الحديث في أمور متشعبة ومتفرقة
اختلف معه في بعض الأمور ويختلف معي.... ولكن له كثير من الاراء التي تحترم
ثم لما أذن العشاء استأذنته وقمت للصلاة..فلما عدت اليه بدا عليه أنه يخفي في داخله خوفا من أن أكون كما يقولون ( متشددا)..فهو لا يعرفني معرفة جيدة
ثم قال لي.... اعتدت علي الصلاة منذ الخامسة عشرة من عمري... والالتزام بالصلاة شيء جميل... ولكن يجب الأ تزيد الأمور عن ذلك
امم... اذن انت من الجيل الذي تربي علي أن الدين بين العبد وربه.. وأنه صلاة وعبادات وأخلاق وفقط... قلت في نفسي ذلك ولكني لم اشأ أن ادخل في صدام معه ولم يكن الظرف مناسبا لأية جدال... فقلت له كلاما مختصرا من قبيل (بين بين)...رغم اني لا أحب ذلك
وكان من الذكاء بمكان بحيث أراد أن يعرفني أكتر... فاستفزني أكتر.... ونقل الموضوع الي النقاب.... قال لماذا النقاب؟؟... ولماذا تحرم الفتاة نفسها من متع الحياة؟؟
الا يكفي الحجاب؟؟... الحجاب أمر طيب وجميل.... وشرع ربنا....فلماذا اذن النقاب والتشدد ( وطبعا هذا الكلام علي أساس أن النقاب مش شرع ربنا ولا حاجة)
كظمت غيظي.. وسكت... فأرادني أن أتكلم.... قال لي... اقنعني... لماذا النقاب.... كدت أقول له... يا أستاذي لأنه شرع الله.... لأن الله قال ذلك ولأن الرسول قاله أيضا... عليه الصلاة والسلام... قل لي أنت لماذا الصلاة خمس مرات؟؟.. هل لأن الناس يفعلون ذلك؟ أم أن الدين علمنا ذلك عن طريق ما جاءنا من الشرع وأقوال العلماء؟....فالنقاب كذلك أيضا....كدت أقول له... لأن العلماء يقولون كذا وكذا... ولأن المذاهب الأربعة تقول كذا.... ثم دفنت هذا الكلام في صدري... وقلت له أقول لحضرتك رأيي الشخصي:
الحجاب شرع الله.. وأمر طيب... ولكن الدين درجات.... والنقاب درجة أعلي من الحجاب... فليس لنا أن ننتقد من تفعله....أقول لحضرتك حاجة :
أختي محجبة... وبنت خالتي منتقبة... لأنها موظفة...وحضرتك تعلم جيدا... ما الناس فيه هذه الأيام من اختلاط ولغو وكلام فارغ.... فأرادت بالنقاب أن تصون نفسها عن كل هذا. والحمد لله بدا له أن الكلام مقنعا.. فقال شيئ كهذا جيد... لأنها حالة خاصة.. رضيت بهذه النتيجة... هذه نقطة سجلتها...ولم أقل  الاختلاط واللغو والكلام الفارغ ليس حالة خاصة... بل هو في كل مكان في الشارع والجامعة والسوق والعمل
قلتها له بطريقة أخري... سكت قليلا... ثم قلت.. أنا أعمل في الجامعة وأري أمامي المهازل... وحضرتك أكيد عارف.... الناس هذه الأيام أصبحت لا خلاق لها ولا دين الا من رحم الله.... وبالتالي يجب ألا نلوم علي المتدينين حين يبالغون في التمسك بدينهم... لأنهم بذلك يواجهون فساد معظم الناس.

-----------------
اذا نظرنا الي الموقف السابق بشيء من التجرد والتفكير.... وجدنا أن هذا الفكر منتشر جدا بين جيل السبعينيات والثمانينات... هذا الجيل... الذي أراد له صانعوه ألا يعرف عن دينه شيئا الا من الهيئات الدينية الرسمية... ومن التليفزيون....والذي لم يربي الا علي أن الدين هو الصلاة والأخلاق.... واذا اراد أن يتعلم شيئا من دينه أو يسمع برنامجا دينيا... فلا يجد أمامه الا اذاعة القران الكريم... او تفسير الشعرواي علي القناة الثانية بعد صلاة الجمعة.
لذا نفهم لماذا يتمسك هذا الجيل بفتاوي الهيئات الرسمية... ويثقون فيهم دون غيرهم.... هم جيل له في العذر بعض الحق.... لأنه يري مصدر الدين ( عنده )...
يقول له أن النقاب عادة وليس عبادة... وأن ربا البنوك حلاال.. ولا شيء فيه... وأشياء كثيرة من هذا القبيل

ولكن ويمكرون ويمكر الله.... الجيل الجديد... جيل الانترنت والفضائيات ... رغم ما فيه كثير من شبابه من الضياع.... الا أن من يريد أن يعرف الحق منه فلا يعدم مصدرا... ولم يعد الدين لديه...مقتصرا علي مشيخة الأزهر ودار الافتاء.....ولا علي البرامج الدينية علي التليفزيون (الحكومي) التي رأيت في احدها أحد شيوخ الأزهر المعروفين في استضافة مذيعة كاشفة رأسها وعنقها وساقيها....فلم أصدق نفسي والله.... و أقل ما توصف به هذه البرامج أنها هزيلة تخلق جيلا مخدرا لا يعرف من الدين الحق شيئا
الجيل الجديد ببضع ضغطات علي لوحة المفاتيح يستطيع أن يكتشف الدين الحق... وأن يعرف زيف المؤسسات الدينية الحكومية
ويظهر هذا جليا في المواقف المختلفة
فمثلا... اذا قال شيخ الأزهر السابق أن النقاب عادة... وتزمت وليس من الدين... ما عليك الا أن تبحث ثلاث ثوان فقط... لتجد مواضيعا كثيرة
فتعرف منها أن شيخ الأزهر نفسه يقول في كتبه مثل (التفسير الميسر)- قبل أن يعميه المنصب - أن النقاب أمر شرعي بل ويميل الي القول الذي يقول بوجوبه خاصة في حالة زمان الفتن الذي نعيشه
وتجد مثلا حلقة علمية للشيخ محمد حسان لتسمع كلاما علميا دقيقا وهادئا عن حكم الشرع في النقاب

ومثال آخر
اذا حدث وسمعت مفتي الجمهورية المبجل يقول أن فوائد البنوك لا شيء فيها.... ثم دخلت تبحث للتأكد سيصادفك فيديو  تجد فيه الشيخ ( علي جمعة) وليس المفتي (علي جمعة)... يفتي بأن فوائد البنوك ربا... فتعرف أن المناصب تفتن وتعمي وتصم
ثم تبحث أكتر... لتعلم أن كل المجامع الفقهية علي مستوي العالم الاسلامي تري فوائد البنوك حرام.... وتعرف عظم أمر الربا وأنه محاربة لله ورسوله

ليس علينا نحن الجيل الجديد الا أن نبحث ونسأل ونتعلم.. لنعرف الحق..... ونحن محظوظون والله.... اذا استغللنا الانفتاح الثقافي .. وثورة المعلومات لكي نعرف أين الحق... ولكي لا نترك أحد يخدعنا في ديننا.... وهذا أمر لم يكن متاحا لمن قبلنا وهذه منحة من الله يقابلها مسئولية منا.... أن نكون مسئولين عن تعليم أنفسنا... حتي لا يصنع بنا ما صنع بمن قبلنا وحتي لا ينفذ أعداء الله مخططاتهم فينا ولا يجدون من لا يتصدي لهم.
وتلك البيئة المنفتحة من فضائيات دين ومجون.... ومن انترنت مواقع طاهرة دينية واباحية..... هذه البيئة ( مع التحفظات عليها).... هي بيئة مثلي لازدهار الحق ونشره... لأن ديننا الواضح الطاهر...دين الفطرة.... لا يمكن أن يباريه أحد في معركة محايدة... وأنه اذا ما صادف عقولا متحررة.... وقلوبا صافية خالية من اتباع هوي النفس لابد وأنه داخلها
والله متم نوره ولو كره الكافرون.

قصص قصيرة جدا 2



ربطتهما الأقدار دوما بحبل متين يقع في تلك المساحة خلف الظواهر....نشأا معا وتربيا في نفس البيئة وتعرضا لنفس المؤثرات.... كانت قناعاتهما متقاربة جدا رغم اختلاف شخصيتهما. حين أرادا الارتباط... شاءت الأقدار أن يرتبطا بفتاتين يحملان نفس الاسم ...وشاءت كذلك أن يرفض كليهما أحدهما بتهمة ضعف الالتزام الديني...والآخر بتهمة التشدد !!

-----------------------

مر من أمامه شبحها لوهلة...ظن أنه ليس الا طيف من خياله....خرج من مكتبه ونظر في الممر الطويل... رآها وهي تفتح باب الحجرة الأخيرة ... وقبل أن تدخل حانت   منها التفاتة فرأته واقفا...لعن تسرعه وسخافاته...ثم دخل الي المكتب وهو يقول لنفسه:....
بعض الناس كتب علينا ألا نلقهم الا علي غير تقدير منا...ثم يمضي كل في طريقه.

 -----------------------