الجمعة، ١٦ سبتمبر ٢٠١١

العيد في السويد

العيد في السويد
أكثر ما كان يضايقني في لينشوبنج..عدم وجود مسجد كبير للمسلمين للصلاة..قبل السفر كنت قد بحثت عن عناوين المساجد والمدارس الاسلامية هناك...ووجدت ثلاثة مساجد / مدارس...ولم أصل الي أي منها هناك...ربما لضيق الوقت وربما لأنني كنت أجمع وأقصر الصلاة وطيلة النهار في المؤتمر.
قبل العيد بيوم..سألت أحد طلاب الدكتوراة الباكستانيين بجامعة لينشوبنج.. هل يوجد مسجد كبير...وأين سيصلون العيد...فأخبرني انه لا يوجد مسجد كبير وأن صلاة العيد ستتم في ساحة في Gamla Linkoping ... وتعني مدينة لينشوبنج القديمة..وأعطيته خريطتي ليحدد لي المكان ثم سألته عن موعد الصلاة..فأخبرني انه في التاسعة صباحا!
في اليوم الذي بعده استيقظت ورفيقي علي السابعة..تأخرنا...فمازال أمامنا 2,5  كيلومتر سيرا علي الأقدام الي محطة ريمفورشا..ثم الاتوبيس الي لينشوبنج القديمة.. ارتديت جلبابا احضرته مخصوص لصلاة العيد هنا..وبدأنا مسيرتنا...لما وجد رفيقي أننا سنتأخر علي الصلاة.. أشار لسيارة ملاكي ان تقف لنا..فوقف صاحبها...قال له..محطة ريمفورشا...فقال تفضلوا...هكذا ببساطة!!..ثم بدأ يسألنا من أين نحن؟...ولماذا جئنا...ودخل الحديث في السياسة عن القذافي..وأين هو الآن...وقلت له كلامي الذي سأردده أكثر من مرة فيما بعد حين اسأل نفس السؤال..." لايهمني شخصيا أن يجدوا القذافي أو لا.. الذي يهمني أن يرحل عن الحكم ثم ماذا سوف يحدث في البلاد بعد ذلك"
هؤلاء السويديون يتابعون السياسة الخارجية جيدا..ليسوا كالأمريكيين فيما يبدو!
* ***
ركبنا الأتوبيس...كان الناس ينظرون الينا بشكلنا الشرقي...خاصة مع الجلباب الذي ارتديه...بعدما جلسنا...قام صاحبي...وقد كتب ورقة مكتوب عليها بالانجليزية .. ان اليوم هو عيد الفطر للمسلمين...حملها بيد...وباليد الأخري حمل طبقا من التمر...مر به علي الاتوبيس ذي الدورين..بعضهم أخذ منه وبعضهم لم يأخذ..قال لي لما نزلنا...
كثير منهم لم يأخذ..
هذا أمر طبيعي
لا ليس طبيعيا...الأطفال كانوا خائفين
بل طبيعي جدا...هم أكثر قبولا للأجانب منا...تخيل أجنبي عندنا في أتوبيس يوزع أشياءا هل كان سيأخذ منه الأطفال؟
نزلنا من الأتوبيس في Gamla Linkoping  وجدنا فوجا من النساء المحجبات والأطفال والرجال يعبرون الشارع من بعيد...بلا شك هم ذاهبون للصلاة...سرنا خلفهم.
دخلنا المكان...تعمدت أن أجلس بعيدا عن رفيقي حتي أتعرف علي الآخرين...جلست بجانب مجموعة من الصوماليين – عرفت ذلك فيما بعد – سألت الذي بجواري
...هل تتكلم العربية؟..
نعم...
عيد مبارك..ربنا يتقبل منا ومنكم...
واياكم يارب
أخوك محمد.. محمد حسني..من مصر
وأخوك محمد من الصومال...لهجتك واضحة أنك من مصر..قالها بابتسامة لطيفة أحسست منها أن لمصر قدر عنده..لا ادري لماذا
ماذا تفعل في السويد؟ هل سياحة؟
لا أنا هنا لحضور مؤتمر علمي في جامعة لينشوبنج..ألا يوجد مسجد كبير للصلاة؟
لا..كل عام نؤجر هذا المطعم لصلاة العيد
ولماذا لا يوجد مسجد؟
المسلمون هنا متفرقون...ولنا مدة طويلة نحاول جمع مبلغ كبير من المال للمسجد...الحكومة عرضت علينا أن نشتري كنيسة كبيرة ب 2 مليون كرونا...ولكنا لم نستطع لأن المبلغ لم يكتمل!
يبدو أن الجالية هنا عددها ليس كبيرا
نعم
وأكثرهم صوماليون فيما يبدو..قلتها بابتسامة
فقال لي ااه...أكثرنا من الصومال..ثم بعد ذلك مجموعة من الباكستانيين...طلبة يدرسون في الجامعة (واضح أنهم هم الذين تعرفت عليهم في المؤتمر)
قلت له..الا يوجد حتي جمعية اسلامية تجمع المسلمين وتتولي هي أمر المسجد؟
قال لي يوجد مسجد صغير...عبارة عن محل..يصلي فيه الجمعة..وله جمعية اسلامية (كنت أتمني زيارته ولكن الوقت لم يسعفني)
صمتنا قليلا...فأخذت أكبر مع المكبرين..كنت أكبر بفرحة...الله أكبر الله أكبر الله أكبر..لا اله الا الله...الله أكبر الله أكبر..ولله الحمد
ثم عدت للحوار معه
من يصلي بكم العيد؟
خطيب من لبنان
تقدم الي المنصة (منصة تشبه منصات المؤتمرات وليست منبرا) شخص يرتدي بدلة..يبدو من هيئته أنه صومالي..تحدث بلغة لا أفهمها..ظننتها السويدية...فقلت لمحمد بجانبي...سويدي؟..فقال لي أنه يحث علي التبرع للصومال..بالصومالية...ثم تكلم الرجل العربية..ففهمت...مر مجموعة من الشباب بأكياس لجمع التبرعات... لاجئون في الغربة يدفعون تبرعات لجائعين ..يالحال المسلمين!
ثم استمر التكبير المبهج...أكثر اللحظات راحة في الغربة...قمت ونظرت حولي علي المكان...المطعم فعلا كبير جداا....يسع أكثر من خمسمائة شخص علي مايبدو...مكان النساء كان في اخر المطعم...وكان لهم باب دخول خاص...مجموعة من الشباب كانوا يقفون للتنظيم...ثم صعد الخطيب للمنبر...عربيته جيدة جدا..وكلامه منظم..وكثير الاستشهاد...ولكن موضوع الخطبة كان تقليديا...أيا ماكان أنا سعيد جدا بتلك اللحظات التي انتشلتني من احساس الغربة...قضيت الصلاة وانصرفت وصاحبي مسرعين الي المؤتمر.