الأربعاء، ١٢ مايو ٢٠١٠

دعوة هادئة للتفكر


دعوة للتفكر بهدوء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
---------------------
الي كل أصحابي وأصدقائي... الي زملائي... الي من أحبهم... الي كل شاب أو فتاة في سني يبحث أو تبحث عما يرضي الله... وعن الحياة الطيبة في الدنيا
والنعيم في الآخرة
هذه دعوة هادئة جدا...دعوة للتفكير بينكم وبين أنفسكم .. بغير جدل ولا نقاشات قد تدخل فيها أهواء النفوس فتفسدها
بينك وبين الله وفقط... دعوة.. اقبلها..فهي والله لك...لأني أحبك.. وأحب الخير لك...لأني أريدك أن تري الأمور كما هي.. علي حقيقتها..فتصير علي
بصيرة من أمرك. والأمر أولا وأخيرا لك... ولكن  لا ترد دعوتي.. خذها فان نفعك منها شيء حين تتفكر فيها ... فلله الحمد في الأولي والآخرة... وان لم
تقتنع بها فلن تخسر شيئا.
هذه الدعوة ... هي للتفكر في حال من يطلقون عليهم (الدعاة الجدد)...ولن أذكر اسماءا... وهذه واحدة من القواعد التي سأسير عليها في حديثي اليك
دعنا نتفق أولا علي عدة أمور
1) دعنا نخلص الأمر لله... وأنا أكتب هذه الكلمات...توقفت عن الكتابة وذكرت نفسي... لماذا أكتب؟... لماذا هذا الكلام؟؟... دعه لله.. لله وفقط
وأنت كذلك أخي في الله... وأنت كذلك أختي المسلمة.. توقفوا الآن في هذه اللحظة عن القراءة... وأخلص أمرك لله... ألست تبحث عن رضاه هو؟.. دعه
يدلك علي الخير... اللهم دلنا علي الخير كله... دلنا علي رضاك... وابعد عنا أي طريق نتوهم أنه طريق اليك وهو ليس كذلك... أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه
وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.. بصرنا يارب بصيرة منك بما يرضيك... واحفظنا من أن نخدع عن طريقك.

2) تجرد من الأشخاص... ووعد مني أني لن أقول لك كلمة سوء في شخص... وانما دعنا نناقش الأفكار... فقط الأفكار المجردة....
ودعنا نتخلص من التعصب.... فقد علمتني دراسة الهندسة... والعلم الأكاديمي...مبدأ قيما جدا... وهي التركيز علي النظريات ونتائجها (أو العمل وما وصل اليه
).. أو (الفكرة نفسها وما تؤدي اليه) بغض النظر عن الأشخاص ولظروف واللغات والأديان... فالتفكير المجرد يحررك من (الهوي) ومن (الأشخاص)
لشخص ما أيا كان هذا الشخص ونبحث عن الحق وفقط... فلسنا مأمورين الا باتباع حبيبنا صلي الله عليه وسلم.. وكل طريق يؤدي اليه.. أما ما يخالفه
وتبين لنا مخالفته لطريق قدوتنا وامامنا فلنتبرأ منه.. أيا كان من يدعو اليه وان كان أحب الناس الينا... ولنذكر كلمة ابن القيم حين رد كلمة لشيخه ولم يقبلها
وهو شيخه ومن  أحب الناس اليه فقال ( وشيخ الاسلام حبيب الينا... ولكن الحق أحب الينا منه)... فلنحاكم كل الأفكار والاتجاهات والاراء لله وللحق
فان وافقته فأهلا بها وسهلا.. والا فلنردها ولا نقبلها فليس بعد الحق الا الضلال.

3) كلامي اليك اليوم... هو خلاصة مناقشات كثيرة مع أصحاب وأحباء هم من أقرب الناس الي قلبي.... فهو خبرة عملية... عرضتها علي ديني وبعض ما
علمنيه الله...فوجدت ما أعرفه مطابقا للواقع -والله- لا يتغير عنه.. ويوما بعد يوم تتضح أمور تزيد يقيني بما وصلت اليه وسأوضح ذلك في حديثنا

4) لن أفعل كما يفعل الكثيرون الآن.. بأن أمسك (موقفا معينا)... أو (خطأ شرعيا)... وأرد عليه بالنصوص واراء العلماء لأبين خطأه - مع أهمية ذلك طبعا -
وذلك لثلاثة أسباب
1) أني لست عالما أو فقيها... وما أنا الا متعلم... حالي كحالك وكحال أي شاب يبحث عن الحق
2) لأن علماءنا الأفاضل جزاهم الله خيرا... حرس حدود هذا الدين... يتولون هذا الأمر ... ويتصدون لذلك بعلمهم... فيوضحون الحق للناس الذي يحاول
أن يفتنهم فيه أي أحد.
3) لأني أنظر الي الظاهرة كلها ... بمنظور مختلف... فلم يعد الأمر مسألة خطأ شرعي أو موقف (وقع سهوا)
وانما الأمركله في المنهج والطريقة.... في الدعوة نفسها والفكر... وهذا ما سأحاول أن أناقشه معك.. من خلال كل المناقشات التي تعرضت لها

5) سأحاول أن يكون معظم كلامي مبسطا ... من شاب لشااب... خاليا من المصطلحات .... وسأدع النقد الفكري المتعمق ( ولا مفر منه).... في تدوينات
منفصلة... ليقرأها زملاؤنا المثقفون.

ولنجعل الله من وراء القصد 

حوار هادئ -اللقاء الأول


- ان الدور الذي يقوم به هؤلاء الدعاة الشباب.. أخطر واهم من الدور الذي يقوم به المشايخ والعلماء المعروفين... لأنهم يتحدثون الي طبقة من المسلمين
لا تعرف عن الاسلام شيئا... فلا يمكن لهؤلاء أن يسمعوا العلماء مباشرة... وانما هؤلاء الشباب يأخذون بأيديهم الي بداية الطريق ... مثلا مش هقول لواحد
مابيصليش حرام تسمع اغاني... الأغاني حرام.... الأول أشد ايده للصح.. وبعدين هو من نفسه هيروح لخطوة أحسن ويسمع العلماء علشان يتعلم
                                   -----------------------------------------------
هذا هو أشهر الردود التي سمعتها تقريبا من كل من أتحدث اليهم في هذا الأمر.... ولعلك الآن عندك نفس الرد ومقتنعا به
آسف حبيبي في الله... اذا كان هذا هو الرد الأول.... فهل توقفت لحظة واحدة بينك وبين نفسك... للتفكر فيه قليلا؟... انظر اليه مرة أخري هكذا.
واسأل نفسك هذه الأسئلة ثم تمهل في الاجابة
هل حقا المشايخ والدعاة الذين تعرفهم ... لا يتحدثون الا لطبقة معينة.... هل ما بيتكلموش غير للشيوخ والملتزمين؟؟.... هل لا يتوجهون بحديثهم للشباب
الذين لا يصلون ولا يعرفون شيئا عن الاسلام؟
أشهد الله انا عما أعرفه نفسي.. أن هذا ليس الواقع..... فأولا... هم يتحدثون لهؤلاء أكثر من أي أحد... يتحدثون عن الأخلاق والمعاملات... ويتحدثون
عن ترك الصلاة .. عن نعيم الجنة وعذاب النار.... اليست هذه كلها دعوة لمن لا يعرفون شيئا عن الاسلام؟... أو غير ملتزمين اطلاقا ويحتاجون
لمن يضعهم علي أول الطريق....
أخبرك بشيء عجيب؟... من ضمن الانتقادات التي توجه الي هؤلاء المشايخ والعلماء ... أنهم لا يتحدثون الا عن عذاب القبر ونعيمه ويوم القيامة والجنة والنار
 -ورغم أنهم طبعا ليسوا كذلك - أفلا يدل هذا الانتقاد أنهم يكثرون من الدعوة المبسطة التي تعتمد علي زرع الايمان في القلوب.. عن طريق الترغيب في الجنة
والترهيب من النار؟... وتذكير الناس بالآخرة؟
يتحدثون الي كل الناس... أدخل محلا للكشري.. فأري العمال يشاهدون خطبة للشيخ محمد حسان .... أركب ميكروباص فأسمع شريطا للشيخ محمد حسين
والسائق ليس عالم دين ولا شابا ملتزما أو حتي ملتحيا... والشريط عنوانه ( لماذا لا تصلي؟)... هذا العنوان لمن حبيبي؟...
أليس لهؤلاء الذين لا يقومون بأي شعيرة من شعائر الدين؟... بل والله الذي لا اله الا هو.. في رمضان الماضي.. وأنا ذاهب لأصلي التراويح...
رأيت قهوة في الشارع... وعليها عدد لا بأس به يشاهدون
برنامج الدكتور حازم شومان (لماذا محمد؟).....
وكل هذه أمثلة تقول... أن هؤلاء المشايخ لا يتحدثون الي الملائكة.... انما هم يعرفون الواقع وما فيه المسلمون.. ويتحدثون اليهم...
 ولا يقولون كلاما غير مفهوم

-------لحظة.. لحظة... عندك حق... هم يتحدثون الي هؤلاء الناس.. ولكن أسلوبهم صعب...لغة عربية في معظم الأحوال...ترهيب وذكر عذاب ونار...
الناس ببتخض من الكلام د.. فتكره الدين..
أما هؤلاء الشباب.. فأسلوبهم بسيط جميل.. كله رجاء ورحمة وهدوء.. بغير تخويف ولا ترهيب... يحببون الناس في الدين
أتعرف حبيبي في الله.... أنت تحتاج الآن أن تستغفر الله.... آه والله
لماذا؟
لأن كلامك هذا يشتمل علي معني....أنت ولا شك لا تقصده... وهو معني شنيع جدا....كأنك تقول.... أن هؤلاء الشباب (الدعاة الجدد) هم أدري بالدين من الرسول صلي الله عليه وسلم.... وأنهم عرفوا طريقة ( كأنهم اكتشفوها فجأة بعد 14 قرن من الاسلام).. لتحبيب الناس في الدين أكثر مما
كان يفعل الرسول صلي الله عليه وسلك والقرآن الكريم.
أعرف أنك لا تقصد ذلك طبعا فلعله قولا سمعته ورددته ولم تتفكر فيه.... ولكن دعني أوضح لك نقطة مهمة جدا وفكرة لابد أن تعرفها ( ونحن نركز علي الأفكار)
منهج الدعوة الي الله والي الاسلام... مش (بالدماغ)... أو بتعبير الدين ليس (اجتهاديا)... كل انسان يدعو بالمنهج الذي يحبه
فهؤلاء يرهبون الناس وهؤلاء يتكلمون فقط عن الترغيب والرجاء
-------ازاي د؟ ... أكيد كل واحد ليه طريقته في الدعوة...
لالا... لا أقصد هذا حبيبي في الله....افهم الفكرة جيدا
طريقة الدعوة هذه.... هي وسيلة للقيام (بالمنهج)... أي لتنفيذ (الدعوة).... وهذه تختلف من شخصية لشخصية ومن عصر لعصر ومن بلد لبلد
أما منهج الدعوة فهو ( توقيفي) ... أي يجب فيه التزام ( منهج الرسول والقرآن(
وهذا منطقي جدا.... أليست الدعوة الي الله عبادة؟.. والصلاة عبادة... حين تصلي... هل تصلي بالطريقة التي تحلو لك؟...
 الظهر ثلاث ركعات والعصر سبع ركعات وكما تشاء أو تسمح لك الظروف( وتري أنه الأنسب؟)
أم تصلي كما صلي الرسول صلي الله عليه وسلم؟....انما بعضنا يحب الصلاة بسورة معينة... يعضنا يحب دعاءا أو ذكرا ورد في السجود... وآخر يحب دعاءا
آخر... هذا الذي يختلف من شخص لشخص... أما العبادة نفسها وأركانها فتوقيفية ... وكذلك الدعوة
المنهج توقيفي... فقط ادع الي الله كما فعل الرسول صلي الله عليه وسلم والسلف من بعده
كيف دعا الرسول صلي الله عليه وسلم.؟؟... بالقرآن أليس كذلك؟
انظر الي أسلوب القرآن في دعوة ( الكفار)... أقول لك (الكفار) وليس ( مسلما لا يعرف شيئا عن الدين)
هل كان القرآن يرغبهم في الجنة فقط وفي (الحياة الحلوة) التي سوف يعيشونها اذا أسلموا؟
أم القرآن اعتمد الترغيب والترهيب؟؟.... فيه وعد ووعيد.... جنة ونار....نعيم وعذاب؟؟
هل كان القرآن بذلك (يكره الكفار في الدين الجديد ) كما تقول؟
اذن منهج الدعوة... السير بالناس الي الله علي جناجي الترغيب والترهيب....
هذا من ناحية الدين.. والاتباع لمنهج الحبيب.... وكذلك حبيبي في الله فان اسلوب الترغيب والترهيب يتوافق تماما مع علم النفس الحديث كما سأناقشك في
المرة القادمة... بينما أسلوب الترغيب فقط... والرجاء دون الخوف....أمر يؤدي الي خلل نفسي...وشخصية غير سوية في السلوك.. كما سأنقل لك من
كلام كتب علم النفس.
تذكر أننا لم نتناقش سوي في نصف السؤال الأول... ولكن أطمأن لم أنس النصف الثاني ... فله وقته ان شاء الله... ولكن افسح لكلامي هذا في صدرك مكانا
صغيرا... فو الله ما بعثني علي كتابته وامضاء الوقت في اخراجه الا حبي لك وللحق.
-----------------------------