تحدثنا باستفاضة في الرد الأول علي النقطة الثانية... عن مصطلح (الاسلام بمعناه الواسع) وأن الاسلام كدين هو دين كل الأنبياء وانما الاختلاف في الشرائع فقط.... لذلك نجد الأنبياء أنفسهم... يستخدمون مصطلح (الاسلام).. والكلمات في القرآن ليست هكذا بلا معان ولا دلالات...حينما يذكر الاسلام......انما يقصد الاسلام... الوحدانيية لله... دين كل الأنبياء
واليك هذه الآيات حتي نبارك تأصيلنا للمعني المذكور في الرد السابق...بآيات القران
اذا كان المقصود من هذه النقطة أن أصل الديانات واحد وهو (التوحيد الحق) و(عبادة الله الواحد).... وهو (الاسلام بمعناه الواسع كعقيدة)..... فهذا ما نؤمن به نحن المسلمون..... بأن دين الله واحد منذ خلق الله آدم الي يومنا هذا وهذا شيء بدهي جدا... فلا يمكن أن يتعدد الحق.. ولا يمكن أن يكون المرسل واحدا وهو الله سبحانه وتعالي ثم تتناقض رسالاته وتدعو كل واحدة منها الي دين مختلف.
ولكن طرح الدكتور زيدان لا ينطلق من هذا المعني وانما من المعني التالي:
ان الديانات الثلاث بوضعها الحالي (دون الاشارة الي تحريف اليهودية والنصرانية من منطلق رؤية الاسلام لها ودون التفريق بين الدين الحق وبين المذاهب الضالة الباطلة) هي كما يقول (مشتركة في الجوهر)...... قد يتبادر الي ذهن القاريء اذن... أن هذا الجوهر هو التوحيد... لا عزيزي القاريء..سرعان ما ينفي عنك الدكتور هذا الخاطر قائلا:
ما هو المعبر الجوهري اذن في رأيك يا دكتور زيدان ان لم يكن التوحيد؟.... هذا ما تحدث عنه باستفاضة شديدة في الفصل السابع تحت العناوين التالية.... كمشترك جوهري (بديلا عن التوحيد الذي ليس المعبر الجوهري عن وحدة الديانات الثلاث في وهحة نظر الكاتب)... الانابة... الابادة..... الخروج..... وهذا الفصل فيه من الخلط العلمي الكثير جدا... ولكن تكفي الاشارة هنا الي ان الاسلام... ليس فيه انابة ولا ابادة....ولا حتي مصطلح الخروج كما يعبر عنه دكتور زيدان!!
أما ردا علي مصطلح (الديانات السماوية) و (الديانات الابراهيمية) الذي ورد في النقطة الأولي وفضلت الرد عليه في النقطة الثانية لنفي أي مشترك عقائدي بين (الاسلام) .. و (اليهودية أو النصرانية) الحاليتين بصورتهما المحرفة والتي يذكرها الدكتور في هذه النقطة بقوله في البداية:
وقد قال الكاتب في النقطة الأولي أن هذا المصطلح ( الديانات السماوية) لم يستخدمه العلماء المتقدمون... معك الحق تماما يا دكتور ولكن ليس لأنهم يرون كما تري أن كل الديانات الوضعية الباطلة هي ديانات سماوية بالضرورة وانما لأن هذا المصطلح ببساطة (غير مقبول) اذا لم يرد علي الأقل معه توضيح أن هذه الديانات السماوية التي نقصدها انما نعني بها الأصل.. الذي نزل علي الأنبياء وليست علي صورتها المحرفة الآن.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ في تعقيبه على أحد الكتاب:
"أما قول الكاتب: ( وإننا نحترم جميع الأديان السماوية ) فهذا حق ، ولكن ينبغي أن يعلم القارئ أن الأديان السماوية قد دخلها من التحريف والتغيير ما لا يحصيه إلا الله سبحانه، ما عدا دين الإسلام الذي بعث الله به نبيه وخليله وخيرته من خلقه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، فقد حماه الله وحفظه من التغيير والتبديل، وذلك بحفظه لكتابه العزيز وسنة رسوله الأمين عليه من ربه عليه أفضل الصلاة والتسليم؛ حيث قال الله عز وجل
(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) .
فقد حفظ الله الدين وصانه من مكايد الأعداء بجهابذة نقاد أمناء ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وكذب المفترين، وتأويل الجاهلين. فلا يقدم أحد على تغيير أو تبديل إلا فضحه الله وأبطل كيده. أما الأديان الأخرى فلم يضمن حفظها سبحانه، بل استحفظ عليها بعض عباده، فلم يستطيعوا حفظها؛ فدخلها من التغيير والتحريف ما الله به عليم. [1]
ويقول الــدكتور أحــمد القــاضي في رسالته " دعوة التقريب بين الأديان "
"وصـــف تلــك الأديــان ـ سـوى الإسلام ـ بـ "السماوية" باطل؛ لما يحمله من دلالة باطلة من كونها نزلت من السماء. والواقع أنها تحريف لما نزل من السماء "
,وقال:
"الإسلام يكرم الإنجيل من حيث هو كتاب الله، ويجعل الإيمان به وسائر كتب الله أحد أركان الإيمان الستة. أما الأناجيل المزعومة وأعمال الرسل ورسائل بولس وغيره التي يضمها ما يسمونه "العهد الجديد" فقد دخلها التحريف والكفر والشرك، فليست محل تكريم، بل محل ذم" .
كما يقول الشيخ ( ابن عثيمين) رحمه الله :
قد يُسمع ما بين حين وآخر كلمة الأديان الثلاثة"، حتى يظن السامع أنه لا فرق بين هذه الأديان الثلاثة"؛ كما أنه لا فرق بين المذاهب الأربعة! ولكن هذا خطأ عظيم، إنه لا يمكن أن يحاول التقارب بين اليهود والنصارى والمسلمين إلا كمن يحاول أن يجمع بين الماء والنار.[2]
هذه كانت أقوال بعض أهل العلم في قول (الأديان السماوية).
فماذا عن (الديانات الابراهيمية)؟؟
يجيب الدكتور . أحمد بن عبد الرحمن القاضي عضو البحث العلمي بجامعة القصيم العقائد والمذاهب الفكرية/مسائل متفرقة التاريخ 21/10/1426هـ
بعض الناس يطلق تسمية "الديانات الإبراهيمية" على النصرانية واليهودية والإسلام، فماذا ترون في جواز هذه التسمية؟ نحن نقرأ في القرآن الكريم: "ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانيا ًولكن كان حنيفاً مسلماً"، وقوله تعالى: "إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا" أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فمصطلح (الإبراهيمية) مصطلح أطلقه لأول مرة المفكر الفرنسي، (روجيه جارودي) حين دعا في جمادى الآخرة من عام (1407هـ)، (فبراير 1987م)، إلى ما أسماه: (الملتقى الإبراهيمي)، وقال: (لقد عرفت الإيمان الإبراهيمي عن طريق (كيركجارد)، فيلسوف دنمركي، واليوم أقوم بهذه المبادرة بالاشتراك مع أصدقائي اليهود والكاثوليك والبروتستانت، فإنني أتابع المسير بقصد تجميع الإيمان الإبراهيمي). وأفصح عدد من المتحدثين في الملتقى -وعلى رأسهم جارودي- عن الهدف المبيت، وهو القضاء على الخصوصية المميزة لكل دين، والوصول إلى صيغة مشتركة بين الديانات تحت مسمى (الإبراهيمية)، والسعي إلى تحقيق الوحدة بين الديانات بكل ما تحمله من تنوع وتضاد.
ولا يستريب مسلم أن هذه الدعوة كفرية، أرادت أن تتدرع باسم خليل الرحمن إبراهيم، عليه السلام، الذي برأه الله من أن يكون يهودياً أو نصرانياً، تماماً كما برأه من أن يكون من المشركين، واستهجن انتحال أهل الكتاب لإبراهيم، وادعاء كل طائفة أنه منهم، مع سبقه لهم، فقال: (يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده، أفلا تعقلون ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين" [آل عمران: 65-67]. وتأسيساً على ما تقدم، فإنه لا يحل إطلاق هذه التسمية المحدثة، وتسليكها بين المسلمين لما في ذلك من الإحداث، والتلبيس، والاستجابة لاستزلال الزنادقة والملحدين من دعاة وحدة الأديان. وبالله التوفيق
وهذه فتوى الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ عندما سؤل عن وحدة الأديان وكثرت مدعيها :
" أولا الأديان كثيرة ( لكم دينكم ولي دين ) لكن الدين الذي أنزله الله من السماء واحد لا يتعدد ( إن الدين عند الله الإسلام ) ( إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله أصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وانتم مسلمون
( ثم يوضح الدكتور هنا معني الاسلام العام الذي ذكره الدكتور (رغم أنه أساس رؤية المسلمين في هذه القضية)... في الهامش...كأنه تعليق..
اذا كان هذا هو طرح القرآن... فلم لم تنطلق منه يا دكتور وتفصله اذا كنت تعرض رؤية كل دين؟؟.... دعنا نشرح نحن هذا المعني القرآني...
يقول اللشيخ صالح آل الشيخ :
الإسلام العام هو الذي جاء من عند الله الشرائع مختلفة لهذا يبطل شرعا قول من يقول الديانات السماوية فليس ثَمًّ ديانات سماوية إنما الدين الذي من السماء واحد والشرائع هي التي تختلف قال جل وعلا : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) وقال نبينا صلى الله عليه وسلم فيما رواه معْمَر عن همّام عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( الأنبياء أخوة لعلّاة الدين واحد والشرائع شتى ) فإذا من هذا نخلص إلى بطلان قول من قال الديانات السماوية ويوجد ديانات ولكن لا يصح أن يقال أنها سماوية لأن من السماء لم يأت إلا دين واحد وهو دين الإسلام فالنصرانية واليهودية من السماء شرائع لكن الدين هو الإسلام يجوز أن تقول دين النصرانية ودين اليهودية على اعتبار أن المقصود بالدين هنا الشريعة كما قال جل وعلا : ( ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك ) يعني في شريعة الملك لكن إذا أُضيف إلى السماء فهذا لا يصح ولا يجوز " [3]
اذن عرفنا اعتراض أهل العلم علي المصطلحين (الديانات السماوية ).. (الديانات الابراهيمية)...
فما هو هدف أعداء الاسلام من ابتداع هذه المصطلحات؟
يجيب علي ذلك المطلب الرابع من رسالة (الحوار بين الأديان حقيقته وأنواعه) ل (أبو زيد بن محمد مكي)
لمطلب الرابع : حوار الوحدة بين الأديان . المسألة الأولى : المراد به : المراد به : الحوار من أجل الوصول إلى القول بصحة جميع المعتقدات والديانات , وأنها ينبغي أن تكون جنباً إلى جنب , تتزامل في الإيمان , دون أن يتخلى كل دين عن عقائده وشرائعه الخاصة به (43). المسألة الثانية : أقسامه . وهذا النوع على قسمين : القسم الأول : الوحدة الصغرى : وهذا خاص بالأديان التي تعلن انتمائها إلى إبراهيم عليه السلام , وهي الإسلام واليهودية والنصرانية , ولذلك يطلق أصحاب هذا القسم على هذه الأديان : الأديان الإبراهيمية. وتفرع عن هذا القسم من الحوار الدعوة إلى بناء : مسجد وكنيسة ومعبد في محيط واحد , في رحاب الجامعات والمطارات والساحات العامة , والدعوة إلى طباعة القرآن الكريم والتوراة والإنجيل في غلاف واحد. والقسم الثاني : الوحدة الكبرى , وهذا شامل لجميع الأديان والملل الوثنية, بل والملحدين, بجامع أن تلكم الوثنيات آثار نبوات سابقة ,وأن الملحدين يؤمنون بالإنسان ,وأن للحياة معنى[3].
هدانا الله للحق والاتباع... ورفع عنا الزيغ والضلال
المصادر ------------ [1]
( مجموع فتاواي الشيخ ابن باز ، 2/183-184)
[2]
( خطبة يوم الجمعة، 15/1/1420هـ. نقلاً عن رسالة "دعوة التقريب بين الأديان" 1/32)