الجمعة، ١٥ يناير ٢٠١٠

حملة تفتيش


تخطو خطوات وئيدة نحو باب اللجنة
في يديها بضع ورقات تحاول أن تشغل ذهنها بالنظر فيها..وان كانت لا تري الكلمات...حتي تصرفه عن التخوف مما يدور فيه
قالت لها أمها وهي تودعها في الصباح
(يابنتي بلاش عناد.. حرام تضيعي مستقبلك...لو أصروا افعلي ما يريدون وينتهي الأمر
لست الوحيدة... ولن تكون نهاية الدنيا... والله غفور رحيم)
ردت عليها وهي تقبل يديها
يا أمي... هذا ليس عنادا انه الثبات علي الحق..والمستقبل بيد الله... ليس مطلوبا منا
أن نتنازل عن رضا الله لكي نحققه
والله يا أمي لن أفعل مايريدونه لي ولأخواتي...ولن أنكسر أمام حملتهم علي ديني
وسأقابل اصرارهم باصرار مثله
صمتت أمها أمام كلام ابنتها الوحيدة...
 من اين جاءت ابنتي بمنطق الكلام هذا وقوة الشخصية التي أراها أمامي؟لم تكن هذه هي (هدير) الوديعة التي أعرفها
تساءلت في نفسها وهي لا تملك أن تفعل شيئا أمام ابنتها... وقالت لعله حماس الشباب
جاءتها نظرات (هدير) التي حرصت أن تكون مطمئنة هادئة لكي تهدئ من روع امها ولعل ما تخشي حدوثه لا يحدث
جاءتها هذه النظرات مختومة بقولها... انه الحق يا أمي
تذكرت هذا الموقف الذي بدت فيه ثابتة... لعل ثباتها هذا يهدئ قليلا من توترها وهي تعبر باب اللجنة
مرت الأمور في النهاية رغم بعض المصاعب وهاهي جالسة أمام ورقة الامتحان تحمد الله وتقرأ الاسئلة في سعادة
قال رئيس اللجنة.... ( فيه حملة تفتيش من الوزارة قادمة)
لم تنتبه لكلمته فقد استغرقت في الاجابة كعادتها
بعد ربع ساعة
دخلت (الحملة) - ولا يخطر ببالك ماتحمل هذه الكلمة من دلالات ذهنية مرتبطة بها.. كحملات التفتيش علي المخدرات وشقق الدعارة  فهذه دلالات قد انتهي زمانها ونحن في عصر الحداثة -
فوجئت بعد بضع دقائق برجل يهرول نحوها... انه لا يقصدني انا.. لعل أحدا خلفي يغش..
نزع نقابها في شدة.. افقدتها السيطرة علي أعصابها.. وآلمت عضلات وجهها الرقيق
وفي رد فعل تلقائي وضعت المنديل الذي أمامها علي وجهها
صاح فيها.. رئيس اللجنة وقد أغضبه سرعة تصرفها
ممنوع ياانسة - لم تكن ساعتها تفهم ماهو الممنوع.. هل الممنوع أن تغطي وجهها بمنديل ورقي؟ هل حدث فعلا وصدر قرار بمنع المناديل الورقية من لجان الامتحان حتي تأتي لجنة كاملة للتفتيش عن الارهابيين الذين يتخفون في المناديل الورقية؟
أي سخافة تلك؟؟-
ممنوع
وألقي لها بالقنبلة... هكذا ظن..

اما أن (تعري) وجهك في الامتحان واما ان (تروحي)
ظن انه حطم كل أسوارها واقتحمها
ارتدت نقابها ولملمت أشيائها وحاجاتها وقامت.. اذن سأمضي
لا أدري ساعتها وأنا أكتب هذه الكلمات.. كيف جاءتني نشوة غريبة.. نشوة انتصار
...رأيتني أقوي بكثير مما كنت أتخيل... كنت مترددة في فعل هذا الأمر.. خائفة من ردة فعل أمي وأهلي.. ومن ضياع العام علي
ولكن حسمت أمري في لحظة... لابد أنه التوفيق ممن يعلم بواطن الأمور.. ويعلم في داخلي اصراري علي رضاه..
رأيتني هزمت رئيس اللجنة ومفتش الوزارة... وشيخ الأزهر.. ورئيس الجامعة .. نجحت أن أقف في وجه الدنيا
لا أملك الآن الا أن أقول..
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
هدير يحيي
أستاذة بألسن عين شمس
2020سبتمبر



ليست هناك تعليقات: